حتى السماق استطعنا أن نقضي عليه !

السماق يذكر هذه الأيام بأم السماق ومجمع جبر، وبخاصة أن غوغل هو أيضا يخلط بين نبات السماق وأم السماق، ولاحظت أن محلات بيع الأغذية تبيع السماق العجلوني أغلى بكثير مما سواه من السماق، "ده من عجلون يا بيه، أحسن سماق في العالم"، يشرح لك البائع، ولو استرسلت قليلا لشرح لك عن عجلون أكثر، وما الفائدة أن تخبره أنك من عجلون، وأنت اكتشفت هذه اللحظة فقط أن السماق العجلوني هو الأفضل في العالم.

وكان أهل السلط في القرن التاسع عشر يرسلون إلى القدس كل عام خمسمائة جمل محملة بالسماق، نتحدث عن مائة طن من السماق يجري جمعها في جبال السلط لأغراض التجارة في القدس، وبالطبع هناك أطنان أخرى كثيرة للاستهلاك والبيع في أسواق أخرى، يعني نتحدث بأسعار اليوم عن سوق حجمه أكثر من عشرة ملايين دينار.

ولا بد أن عجلون التي تميز سماقها بمذاق أفضل كانت تدير سوقا أكبر من السلط، وما يزال السماق في سورية ولبنان وصقلية يشكل اساسا لعمليات اقتصادية وتجارية واسعة، وفي نشرة للمركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي فإن الدونم الواحد من السماق يمكن أن يحقق عائدا اقتصاديا بحوالي خمسمائة دينار سنويا، وهذا يساوي أضعاف ما تنتجه المساحة نفسها المزروعة بأشجار اخرى، الزيتون على سبيل المثال، عدا عن كونه يزرع في مناطق جافة ووعرة، وبمعدل مطري قليل.

نتحدث عن ثمار برية يكفيها ماء السماء لتقدم طعاما وتحرك سوقا واسعة، وتستطيع العيش والنمو والإثمار في أقسى الظروف وفي جميع البيئات، الجبلية المرتفعة والمنخفضة والصخور والصحارى، بلا حاجة لري أو عناية، لدرجة أن أشجار السماق في سرعة نموها وانتشارها يمكن أن تهيمن تلقائيا على الأراضي والجبال، وقد يحتاج الوضع إلى مكافحته والحد من انتشاره، ولكن السماق في الأردن حسب ما يقول الباحثان مها السيوف ونسب الرواشدة في موقع الزراعة نت مهدد بالانقراض!

ويمكن استخدامه بالإضافة إلى الطعام والغذاء وتغذية النحل لإنتاج العسل، في الدباغة والصباغة وصناعة الشموع وفي صناعة الأدوية لمعالجة الجروح والنزف والإسهال والحميات والسيلان والتهابات الأجهزة التنفسية.

وبالطبع فهو نبات زينة جميل لأسوار الحدائق وصد الرياح والغبار، وفي الغابات والجبال والسهول يحمي التربة من الانجراف، ويحمي وينشط نمو أشجار أخرى مثل السنديان.

ولا بأس من تكرار التساؤل والقول، ما الذي ينقصنا لتحقيق إنتاج زراعي وغذائي كبير؟ وسأغامر بالقول إن التوسع العشوائي في التعليم يدمر الموارد والأعمال، وحتى السماق، الذي تبلغ تكاليف مكافحته أضعاف تكاليف زراعته، استطعنا في الأردن أن نقضي عليه! يا إلهي ساعدنا.

أبراهيم غرايبة
جريدة الغد
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))