السلط أزدهار في العصور القديمه


حظيت السلط بإشارات تاريخية كثيرة ذات دلالة في كتب المؤرخين القدامى و العرب المسلمين والرحالة الذين جابت أقدامهم هذه المنطقة منذ قرون.ولم يجمع أي منهم على سبب تسمية المدينة فبعضهم أرجعها الى اصل يوناني /سالتوس / وتعني الغابة والشجر الكثيف وبعضهم أعادها الى جذور لغوية اشوريه..وللسلط اسم اخر اشتهرت به هو (جادور ) خلال العصر البيزنطي.

السلط قبل الفتح العربي الاسلامي

وقد شهدت السلط استقرارا بشريا منذ سنين موغلة في التاريخ خلال العصور الحجرية والبرونزية ما بين 2 الى 35 قبل الميلاد ويشير الى ذلك كثرة الكهوف والمغاور في الجبال والسفوح. وكانت المدينة عامرة بالسكان زمن العمونين ونالت نصيبها من الازدهار زمن اليونان والرومان ويدل على ذلك الاثار الرومانية كالابار والاعمدة الحجرية والاواني الفخارية والنحاسية والنقود التي تعود للقرن الاول قبل الميلاد.اضافة الى الارضيات الفسيفسائية التي عثر عليها في ملعب مدرسة السلط الثانونية ومركز السلط الثقافي.

في العصر الاموي والعباسي

اشترى" ابو سفيان" ضيعة في ضواحي المدينة اثناء تجارته في الشام. فتح ابنه" يزيد"السلط صلحا في بدايات الفتوحات الاسلامية التي اصبحت لمعاوية بن ابي سفيان واولاده ثم الت الى العباسيين. واستولى الصليبيون على السلط وهدموا قلعتها وكانوا ينقلون نصف انتاجها من الغلال والحبوب والفواكه الى ملك الفرنجة في القدس .وعندما استردها صلاح الدين الايوبي اعتمد على غلالها وحبوبها في مساعدة سكان القرى والمدن الفلسطينية ،التي هجرها سكانها بعد عودة اهلها بسبب تعطيل اعمال الزراعة عندهم، نتيجة للحروب. ثم بعدها بنى الايوبيون القلعة مرة اخرى .وعندما اجتاح التتار بلاد الشام هدموا قلعة السلط عام 126. م غير ان الظاهر بيبرس امر بترميم القلعة بعد ان شارك اهل السلط في صد غزوة التتار في معركة عين جالوت وهزيمتهم .

في العهد العثماني

في زمن العثمانيين خضعت السلط لحكمهم منذ عام 1516م وكان لوعورة جبالها وخصوبة اراضيها وكثرة المياه والغابات فيها جعلها اكثر منعة واقدر على البقاء والصمود .كما شجع وجود حامية تركية داخل قلعتها على استتباب الامن وتوفير الحماية لقوافل الحجيج المارة عبرالسلط مما ادى الى ازدهار الحركة الاقتصادية حيث انشئ سوق تجاري متخصص بالحبوب والفواكه والاقمشة وتجارة المواشي .وفي بداية القرن التاسع عشر وصفها الرحالة بانها تتكون من عائلات مسلمة ومسيحية وتكثر فيها الينابيع والبساتين وفيها مسجد وكنيسة .

ويشتغل اهلها بالزراعة والرعي وحياكة الثيباب كما ويتعاون اهلها في تامين نفقات المضافات ومستلزمات الضيوف. ويتم ذلك باشراف شيوخ العشائر والوجهاء .وعندما قام ابراهيم باشا بحملته على بلاد الشام احتل السلط وهدم قلعتها عام 1834 بعد ان رفض اهلها تسليم من لجا اليهم من ثوار نابلس. ونتيجة ذلك تعرضت بيوت اهالي السلط للخراب والتدمير وتشرد اهلها الى بلاد الشام .ومع عودة السلط للحكم التركي من جديد انشأ الاتراك تنظيما اداريا جديدا .خضعت فيه السلط الى لواء البلقاء ومركزه نابلس كما بنى الاتراك السرايا /دار الحكومة /عام 1869 م .وتم تأسيس اول مجلس بلدي فيها عام 1887. وحددت مهام المجلس بمنح رخص البناء، والاعتناء بتنظيم الشوارع، وادارتها وتحصيل الرسوم ،وبناء حمامات للرجال والنساء ،وفتح طرق جديدة ،ومراقبة الصحة العامة، واقامة المسلخ الذي ما زال قائما وترميم القبور وصيانة دورات المياه ومراقبة الاسعار، وضرب مدفع رمضان ومعالجة المرضى الفقراء، وتخصيص معونات للمعوزين منهم وتغريم المعتدين على الطرقات، والمتعهدين المخالفين وترميم البيوت، وزراعة الاشجار في الشوارع، ومراقبة الخانات وهذه مهام متقدمة تكاد تصل الى مفاهيم رسالة البلديات في الزمن الحاضر.وشهدت السلط نموا سكانيا كبيرا وعمرانا ملحوظا في الربع الاخير من القرن التاسع عشر.حيث شجعت السلطات العثمانية سكان المدن الفلسطينية والسورية واللبنانية على الهجرة الى السلط .ونتيجة لذلك فتحت الافران ومحلات الحلوى والمقاهي والحمامات والمطاعم ومحال الخياطة والصاغة والمطاحن. حيث شكل بذلك بداية العصر الذهبي للمدينة حيث بدا البناء والاعمار بالانتشار حول ساحة السلط باتجاه الجدعة، والسلالم وحي الخضر ووادي الاكراد وحي الميدان. وبنيت معظم البيوت من الحجر الاصفر المجلوب من مقالع السلط منذ عام 1863 .ومن اهم هذه العمائر "مستشفى البروتستانت "الذي بني عام 1955 والجامع الكبير والكنيسة الاسقفية الانجليزية التي بنيت عام 189. وكنيسة اللاتين عام 187. على نمط الكنائس الايطالية .وينفرد بناء ابو جابر الذي انتهى بناؤه عام 1892 بنمط معماري خاص.وتميزت الاحياء القديمة في مدينة السلط بصبغة عمرانية فريدة فهي اقرب ما تكون الى البناء التراكمي بحكم السلاسل الجبلية الوعرة والشوارع الضيقة والادراج الموصولة، وفتحات الشبابيك واقواس الابواب المنحوتة بمهارة فائقة .وكان لكل عشيرة او طائفة دينية محلة او حارة او حوش كما كان لكل عشيرة مقبرة خاصة بها.

في رحلة انشاء الوطن الاردني

انشأ اهل السلط اول تعاون تربوي كبير تمثل في صرح مدرسة السلط الثانوية للبنين عام 1923 لتكون قلعة المعرفة الاولى للاردنيين .وبنيت المدرسة بجهود الجميع. ومن اجل الجميع، حيث اشترك جميع السكان في جلب الماء والحجارة وشراء الحديد والاسمنت والزجاج والخشب والجسور. وظلت المدرسة الثانوية الوحيدة في البلاد واسهمت في ترسيخ نهضة الاردن الحديث.وعملت بلدية السلط عام 1927 على تبليط شوارعها بداية من الشارع الرئيسي الممتد من السرايا حتى المطحنة ،مقابل مدرسة اليرموك بالحجر القاسي وعندما أصابها الزلزال المدمر عام 1927 ادى الى هدم مئات البيوت وقدمت البلدية وبالتعاون مع السكان التبرعات للمنكوبين واعادت بناء ما تهدم في وقت قصير.ورفدت مدينة السلط بهجرة بشرية جديدة عام 1948 حيث سكنها الالاف من الفلسطينيين المهجرين. واندمجوا مع سكان المدينة ،بوقت قصير مما احدث تغييرات اقتصادية. واضافت عادات وقيم جديدة في مجتمع جديد. وفي عقد الستينيات ونظرا لزيادة عدد السكان والتوسع العمراني، وطبيعتها الجبلية وانحدارها غير الامن وسع حوض البلدية على حساب البساتين وازيلت عدة معالم حضارية وتاريخية كالسرايا والوكالة ومدخل سوق الحمام .

كما شهدت في عقد الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي اضطرادا عمرانيا بسبب الكثافة السكانية والمشاريع الانتاجية .
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))