عشيرة النسور

مقتطفات من الدراسة التي قام بها السيد نايف عبدالرزاق عبد الرحمن خليفة ياسين النسور


لما كان البحث في النسب واجبا على المجموع, فإذا قام به أحدهم سقط العتب عن أبناء العشيرة فقد رأيت أن الأمانة تقتضي مني المتابعة والدقة وسؤال القاصي والداني فقمت بسؤال ما يزيد على خمسة وأربعين شخصا من أبناء العشيرة في مسائل شتى تتعلق بروايات, وللتحقق من بعض الأمور الصغيرة لتحديد درجات القرابة والنسب, وقد وفقني الله عزَّ وجلَّ للسفر إلى المغرب للعثور على روابط النسب المتباعد والذي من علاماته الروايات والأسماء التي ارتبطت بالمكان مثل اسم عشيرة النسور المرتبط باسم عاصمة الأدارسة السرِّية الاولى والتي اقتصرت عليهم وبقيت إلى ان آل ملكهم وتحطم عرشهم على يد موسى بن أبي العافية قائد جيوش الأمويين الذي عاث في الارض فسادا فقتل وسبى ونهب وجار ومثل بالمسلمين إرضاءً لصاحب الولاية الأموي, فخرج الأدارسة من عاصمتهم (حجرة النسور) إلى اصقاع المعمورة مبدلين ومغيريين لأسماء عائلاتهم منتسبين لمدنهم التي سكنوها أو لمهنهم التي عملوا بها, وتكن¯َّوا باسماء أعلامهم, وانطلقوا يجوبون الأصقاع جبالا وبراريَ وقفارًا, وسكنوا تحت كل سماء في أرجاء المعمورة خوفا من القتل الذي يلاحقهم من الأمويين في الغرب ومن العباسيين في الشرق.

ويسرني أن اقدم بحثي هذا إلى الجيل القادم من أبناء عشيرة النسور ليكون مرجعا لهم في معرفة جذورهم:

عندما استشهد إدريس الأول بن عبد الله الكامل (المحض) بن الحسن المثنى بن الإمام الحسين رضي الله عنه بن الإمام الحسن رضي الله عنه بن الصحابي الجليل الإمام الخليفة الراشدي علي بن أبي طالب من زوجته فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم, في مدينة توزه في المغرب (منطقة الريف وباديس) بعد ان دسَّ له السم أحد رجالات الخليفة العباسي هارون الرشيد في سواك على يد طبيب متآمر, ترك زوجته كنزه بنت زعيم البربر حاملا بولد اطلق عليه بعد ولادته إسم إدريس الثاني وهو الجدُّ الأعلى لعشيرة النسور, وجدُّ سيدي محمد السنوسي الإمام الصوفي المعروف تلميذ سيدي الإمام أحمد بن إدريس الادريسي المشيشي الادريسي رضي الله عنه إمام الازهر من سلالة سيدي مشيش, وجدُّ العالم الجغرافي المعروف الإدريسي, وهو أول من رسم خارطة العالم, وهي موجودة في روما أمام المدرج الكبير الكاليسيوس ومن سلالته ال العلمي وال الدباغ.

وكان لأمير المسلمين الخليفة الإدريسي سيدي إدريس الثاني مؤسس الدولة الادريسية وباني مدينة فاس ستة عشر ولدا, وهم: حمزة وعبد الله ومحمد وعمر (كان لشدَّة قوَّته التي تحاكي قوَّة رجلين يلق¯َّب عمران وكان أول ملوك الريف وباديس) والقاسم وإبراهيم وعيسى ويحي والحسين وجعفر والحسن وكثير وإدريس وعلي وأحمد وداوود, وتكاثر أعقاب إدريس الثاني من أبنائه الكثر, وكان من هؤلاء الأعقاب خليل النسر الذي رزق بعقب كثير عاش منهم عدد بسيط, ووصل الى سنِّ الرجال منهم ستة, مات ثلاثة منهم إثر معركة الخليل, وجلى إثنان هما ناصر ومنصور إلى السلط, وكان لخليل النسر شقيق يدعى نويهض جلى إلى جنين, وجلى إبن أخيه علي الزبن إلى طولكرم وتسمَّى أعقاب¯ُهم بإسمهم, بالاضافة إلى أبناء عمومتهم الأدارسة الذين جلوا الى شمال الجزائر, ثم إلى منطقة الريف وباديس في شمال المغرب حيث سكنوا في قرية الصرارة وهي قرية تبعد حوالي خمسة كيلومترات عن الطريق الرئيسي الواصل بين تطوان وطنجه, ويعرفون بإسم أبناء عبد الرحيم الحلحولي وعبد الرحمن الحلحولي او الحلحلولي نسبة الى حلحول حيث خرجوا منها في العام 1650 للميلاد تقريبا إثر المذبحة التي سيرد ذكرها لاحقا.

ومن أعقاب الأدارسة أيضا ناصر أبوياسين أو نصر أبو ياسين كما ورد في السلمانات العثمانية وأخوانه منصور وملحم , وناصر أو نصر أبو ياسين هو والد كل من ياسين وحمد أبو العثم, وقد عُرف باسم ابو ياسين, وشمل إسم دار أبو ياسين دار أبو العثم نسبة الى كنية والديهما (علما بأن هنالك فرقا كبيرا بالسن بين ياسين وحمد يصل الى مايزيد على ثلاثين عاما ويقارب 35 عاما), وحيث أن ناصر هو الإبن الأكبر لخليل النسر, وحيث أنه والد ياسين وحمد أبو العثم فقد دعي فرعه آل أبو ياسين بالعائلة الكبيرة لوجود عائلات فرعية تدعى بالياسينية, أما حمد فقد كان عزيزا على والده ناصر ومدللا لديه لأنه إبن الزوجة الجديدة, فأورثه المال والعبيد والرئاسة, ورزق حمد بولدين هما عثمان أبو العثم ومحمد, وكان أبو العثم أول من عقدت له الراية بالنسور في شرق الأردن, فكان شيخا للنسور وحلفائهم من مسلمين ومسيحيين, أما دار حبيبان وأبوجمل وأولاد محمد العلقان في بورما (?) فشملهم الإسم لأنهم من أبناء فلاح إبن مفلح إبن خليل إبن ياسين إبن ناصر إبن خليل النسر, ولفلاح أخ وحيد إسمه محسن, واليه ينسب روض محسن بحي الإسكان بالخندق في السلط حيث قتل فيه, وفلاح المذكور ترك ثلاثة اولاد هم مفلح جدُّ دار حبيبان, وأحمد جدُّ دار أبو جمل, ومحمد جدُّ دار العلقان, وبذا تكون هذه العائلات ياسينية. وكان لخليل ابن ياسين ابن ناصر ابن خليل النسر ابن آخر يدعى ابراهيم وقدعقب ولدين هما أحمد الذي توفي شابا وترك خلفه طفلا صغيرا يدعى ياسين وزوجة شابه, أما شقيقه الأصغر محمد جد دار ابو ياسين فقد رزق بثلاثة اولاد هم عبدالعزيز ويوسف وأحمد اما ياسين ابن احمد ابن ابراهيم ابن خليل ابن ياسين ابن ناصر فقد رزق بولدين هما الحاج يعقوب والحاج خليفة, ولذا فإن إسم آل ياسين ضم جميع هذه الاسر الياسينية: ابو العثم /اخو حسون/ابو جمل/حبيبان/عليق/ابو ياسين/يعقوب/ خليفة.

أما منصورالإبن الثاني لخليل النسر, وهو جد الشحادات فقد لقب بِ¯(الحجوي) لأن أحد أبنائه قَتَلَ شخصا من حلفاء عشيرة النسور بحادث غير مقصود فتم الحكم بجلاء القاتل المخطيء ووالده منصور واهل منزله فقط وقد حجي دمهم فلقب بالحجوي, وبسبب انتشار المرض في منطقة الاغوار الذي أدَّى إلى وفاة عدد كبير من سكان الغور كان منهم عدد كبير من ابناء وبنات منصور, ولم يبق منهم سوى منصور الأب وبنتان, وقد رزق الله الحاج منصور النسر بعد أن تقدَّم في العمروتجاوز السبعين بولد أطلق عليه إسم شحاده حيث أنه شحده (استجداه) ورجى من الله أن يرزقه بغلام من صلبه ليكون سنداً لأخواته البنات, وهذا سبب إطلاق تسمية (حجايا وشحادات) على أعقاب منصوروإبنه شحاده, ورغم تشابه أسماء بعض العشائر الاردنيه إلا أن حجايا النسور غير عشيرة الحجايا المعروفة في جنوب الاردن.

أما ملحم الإبن الثالث لخليل النسر الذي تنتسب إليه عشيرة الملاحمة الذين عاشوا في حلحول بتحالف مع آل السعدي, فقد بقي في حلحول, وسبب بقائه هوواقعة المذبحة الشهيرة بمذبحة المختار في الخليل, حيث أن أم ملحم كانت حاملا به عند جلاء أهله وهي عروس في زيارة أهلها, وكان والده الحاج خليل النسر شيخا كبير السن تجاوز السبعين, ولم يتمكن من العودة لاسترداد ولده بسبب عدم معرفته أنه رزق بغلام لأن جدَّه لأمه أخفاه خوفا عليه.

وقصة مذبحة المختار الشهيرة نوردها للضرورة :مع قدوم الأدارسة من المغرب متوجهين الى بيت الله الحرام بغرض الحج والزيارة مرورا بتونس وليبيا (استوطن قسم هناك من أبناء العمومة, العائلة السنوسية, ورحل قسم منهم الى مصر وقطنوا في قرية أطلق عليها نجع الأدارسة في حينه بمنطقة الفيوم), وبعد أن أدى من واصل السير منهم فريضة الحج, مكث قسم منهم في الحجاز ثم ارتحلوا الى منطقة الخليل للمقام بها والرباط, فقطن الأدارسة قرية حلحول من أعمال القدس والخليل, ولمزيد من العلاقات الجيدة تزوَّج الشيخ خليل النسر الإدريسي من امرأة شابة من الخليل وبعد مضي أربعين يوما على الزواج أخذها زوجها (خليل النسر) لزيارة أهلها كما هي الاعراف والعادات والتقاليد مع اخذ الهدايا الواجبة بهذه الحالات, ولكن عند وصول الركب الى مشارف الخليل, استوقفهم مندوب من مختار جبل الخليل الذي كان مدعوما من الدولة العثمانية ليأمرهم بالمرور تحت عصا المختار امتثالا وطاعة لأوامره, وتلاسن الركب مع حرس المختار وممثله مما حدا بالشيخ خليل النسر أن يركل عصا المختار بقدمه ويقول لممثله إذهب وبلغ بما رأيت, فإجتمع مجلس المخترة لبحث قضية عصيان خليل النسر الحسني الإدريسي المغربي وتمَّ تخيير خليل النسر وجماعته بين أمرين, فإما أن يأتي نادما معتذرا حافي القدمين مكشوف الرأس لابسا رث الثياب خلال ثلاثة ايام, ويقدم جميع أملاكهم من متاع وحلال وزهاب (سلاح) ومال وارض للمختار وللمختار ان يهبه مايشاء أو ان يحرمه منها, ويقدم إحدى بناته للمختار عربونا للندم وطاعة, وللمختار الحرية أن يتزوجها أو يردها أو يهبها أو يزوجها لمن يشاء, ويعمل أبناء الحاج خليل النسر عاما كاملا في منزل المختار سخرة ويقدم لهم طعاما يكفيهم فقط .

أما الأمر الآخر فأن يهدر دم خليل النسر ودم أولاده الذكور وعصبته ويصبح قتلهم واجبا ويفرض لقاتلهم مكافأة, وتسبى النساء ويطرد من لايصلح للسبي من النساء والعجزة والأطفال عن المنطقة كاملة لا يحملون إلا ما يستر أجسامهم, وتستباح وتصادر جميع أملاكهم من متاع وحلال وزهاب ومال وارض وبيوت واقنان وللمختار الحق ان يتصرف بها وان يهب مايشاء لمن يشاء.

وقد رفض الشيخ خليل النسر وجماعته الرضوخ لشروط المختار وتهديداته, وجرت بين الطرفين معركة وقع فيها عدد كبير من القتلى من الطرفين كان منهم ثلاثة من أبناء خليل النسر, وعلى أثرهذه المذبحة اتجه شقيق خليل النسر نويهض الى جنين واستقرَّ بها وعرف أعقابه باسم النويهضات, واتجه إبن أخيه علي الزبن الى طولكرم وعرف أعقابه بآل الزبن, وعاد قسم كبير من الأدارسة الى شمال الجزائر ثم إلى منطقة الريف وباديس في شمال المغرب حيث سكنوا في قرية الصرارة وعرفوا باسم ابناء عبدالرحيم وعبد الرحمن الحلحولي او الحلحلولي, وبقي من أبناء خليل النسر الادريسي على قيد الحياة اثنان فقط دخلوا السلط معه وبقيت زوجته العروس عند أهلها في منطقة الخليل حيث تبين انها حامل ولما وضعت حملها رزقت بغلام اسماه جده لامه على إسم جده لأبيه ملحم, وبقي ملحم هناك.

أما سبب تسمية خليل بالنسر فهو تيمنا بحجرة النسور (معنى حجرالنسر أي العش الذي يلجأ إليه النسر), وكانت حجرة النسور عاصمة الأدارسة الرية في شمال غرب المملكة المغربية الى الشرق من مدينة الاربعاء وقرية سوق الجمعة وهي تطل على المحيط وتظهر منها بالافق مدينة طنجة.
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))