أم الكروم تغزل شالها السلطي



مَقْروءةٌ بالرؤى والأحلام على وجه حجارتها الصفراء الذهبية المجلوبة من مقالعها.. ترقى سلالمها إلى سماء الدهشة.. وتفيضُ بهاءً وبهجةً وكبرياء.. تقف وراء النص.. شاهدةً على ميلاده.. وتقطف النجوم من نهر المجرّة.. لتزرعها غلالاً وبساتين في قلب صخورها.. هي الآن ماثلةٌ بين معترك الأحداق والمهج.. تقلِّب صفحات التاريخ... وتلتقي صفوة العارفين.. من النّخب الأدبية والفكرية والسياسية.. وتزاوج بين ثنائية المكان والزمان في عرسٍ وطنيّ مشهود.

من وادي الشعراء تستيقظ الأصوات.. فيمتزج صوت الشعر بخرير الماء.. ويجري في عين حزِّير نَغَمٌ تَسْفَحهُ الطبيعةُ على أوتار الريح.
أم الكروم تغزلُ شالها السلطيّ... وتُنشِدُ للشمسِ والمطر وتدقُّ على أبواب مدرستها الأولى... فيخرج إليها رموز ومشاعل وخيول... فيبينُ عِتْقُ الخيل من تَصْهالها ثمَّة أسماء... وعلامات... ودفاتر... وعناوين لا يُنكرها الزمن. 

يا هذه السلطُ،
يا خيلاً من الألَقِ..
دَلَّ الصهيلُ على عِتْقٍ ومُنْعَتَقِ
يختارُك الشِّعْرُ من مِعْراج قافيةٍ،
بلقاءَ،
تولدُ من ينبوعِها الغَدِقِ
ما غابَ عَنْكِ صفاءُ العين،
أو نضبت،
مياهُ قلبكِ في مُخضَوْضرِ الوَرَقِ
تبقينَ حانيةَ الأعطاف..
دانيةٌ قطوفُ كرمك... محفوفٌ بها حَبَقي
إن سالَ مِنْك رحيقُ المجدِ منتشياً به الترابُ،
فهذي نَشْوةُ العَبَقِ
يمضي بنا العُمْرُ مُنْساقاً إلى زَمَنٍ..
يَسْتبينُ لنا منه،
سوى القلقِ
أنتِ السبيلُ إلى رَحْب السبيل، وقد تكاثرتْ
نُوَبُ الأيامِ في النَّفق
والآنَ كلُّ رموز السلط نقرأُها في سِفْر عِشْقكِ،
أقماراً على نَسَقِ
وأنت سيدةُ الأحلامَ شاهدةٌ،
على انصهاري بهذا العشقِ... والأرقِ
كأنّك القُرْبُ لا بُعْدٌ يباعِدهُ..
أو أنّك البعد..
في قُرْبٍ ومُتّفقِ
لا بأسَ!! حقلي الهوى.. والريحُ أغنيتي،
والماءُ مرآة روحي... والصَّبا نَزَقي
أجيءُ أعدو ... وفي كفيَّ أشرعتي..
وأسأل الموجَ:
هل يُنْجي من الغَرِقِ؟!
بكلِّ مالُغةَ.. أشدو على وتري،
وأَملأ الحرفَ من قارورةِ الشَّفَقِ
أستلُّ من مُهْجَةِ الصدر الرؤوم دمي،
وأُشْعِلُ السطر.. بعد السَّطر من حَرَقي
إلى التي بنداها خضّبت حُلمي..
وأسْبغَتْ ضوءها الهامي..
على الطّرُق
فأطْلَعتْ زعترَ التّحنان في شفتي..
وأَوْدَعَتْ زهرةَ الإيمان في عُنُقي
وإن تناجت روابي السلط في دعةٍ،
وأوْدَعَتْ زهرةَ الإيمان... في عُنُقي
وإن تناجت روابي السلط في دعةٍ.
وأطلقت صَوْتَها العالي.
بلا قلقِ
حَمَّلْتُ ريق النّدى مارقَّ مِنْ وَلَهٍ.
أحيا بنبضِ فؤادي آخر الرمقِ.
قلبي تعلَّق في أغصان داليةٍ.
من قَلْب صَخْركِ..
من بُسْتانِك العَبقِ
يا السلطُ، يا قمر البلقاء مؤتلقاً..
أضاء آخرَ ما في أصغريَّ بقي..
أرنو إليك..
بما جاد الفؤادُ به..
من خالصِ الشوقِ،
منْ وجدانكِ الطَّلقِ
يا طيبَ وادٍ لغيرِ السلط ما اجتمعتْ فيه القلوبُ
على حُبِّ ومُعْتنقِ
أمتدُّ في السلط روحاً حُرّةً لبسَتْ
رداءها..
من شفيف النور في الغَسَقِ
وأسألُ الناس فيها عن أوائلها..
عمَّنْ أضاءوا..
فكانَ النورُ في الحَدَقِ
أتلو جبالاً لها..
أعلو سلالمها ... أختارُ شُرْفَتَها من موسم الأَلَقِ
أرنو ل جادورها الباقي على أَثَرٍ..
أرتادُ ميدانَها ..
ماذا تراهُ لقي؟!
وأقرأ الدرسَ... درسَ الصَّاعدين إلى نهر المجرّة،
أَجْرَوْهُ من العَرَقِ
السًَّلطُ في كفِّها عُشْبُ السنينَ،
وفي طبع الجبالِ... جَمالُ الخَلْق والخُلُقِ..
الراحلونَ هنا... أغْفَوْا على أملٍ..
أَنْ تَصْعَدَ السلط..
في مِعْراجِ مُنْطَلِق
أنْ تستبينَ رؤاها في سماءِ ضُحىً
أنْ تمتطي صَهْوَةَ الجوزاء في الأُفُق
هي التي نافَسَتْ في الليلِ أنْجمَهُ
ولو أرادتْ..
لجاءَتْها على طَبَقِ.

د. محمود الشلبي
جريدة الرأي
31/12/2010
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))