من تل اربد إلى سلالم السلط


تنتقل شعلة الثقافة من اربد مدينة الثقافة الأردنية لعام 2007 إلى السلط مدينة عام 2008 ، ثم بالتوالي إلى مدن جديدة تلتقط التحدي في أن تخصص مليون دينار أردني للثقافة، ذلك المشروع الطموح والمهم الذي تقوده وزارة الثقافة.

السلط بقعة فريدة غالية من الأردن ما زال رجع الحضارة القديمة يتردد أصداءً بين جبالها السامقة، منذ ثمانمائة عام قبل ميلاد السيد المسيح وعلى ظهر تلها العالي قامت مدرسة تدرس الفلسفة اليونانية، وفي أوائل العصر الحديث يحلو لي تخيل صورة جدي عائدا من فلسطين بسيارة تشق الطرق الترابية محملة بالحديد والخشب ولوازم بناء أول مدرسة ثانوية معاصرة في الأردن الحديث، أتخيل الصغار والكبار الذين تجمعوا يرقبون الانشاء والأيدي التي عملت على رفع بنيان تلك المدرسة الرائدة التي أمدت الأردن بكوادره التعليمية الأولى والتي شيدت الوطن كله بسواعد أهليه، وفي ذاكرتي التي أشبعت بحكايات الأجداد والأخوال مفكرون وساسة وكتاب وأدباء وشباب يحلمون، خرجوا من النطاق الضيق وسط المدينة الصغيرة إلى حقول العنب والرمان، شربوا من عين راحوب، ويمموا وجوهم شطر أردن عفي قوي ينشأ من أحلام أهله وإرداتهم في استمرار الحياة. 

السلط بعمرانها الخاص الجميل بانسانها المجبول على العطاء والكرامة والكرم تلتقط راية ليست غريبة عنها، فلطالما رفعت راية الثقافة، اليوم وبدعم حكومي صار بالامكان تحقيق المزيد من الأحلام والمشاريع، وصار بالامكان إدراج المواطن من بيته إلى حمى المدينة كما كان منذ زمن، حين كان رجالات السلط يتجمهرون في قهوة المغربي ليناقشوا قضايا الفكر والحرية والوطن والثقافة مجتمعة، هو تحد يعود في زمن ساده بعض الركود خاصة أن جل النشاطات تركزت في عمان واستأثرت عمان لزمن بالدعم الرسمي، لولا ذلك المشروع الجاد في تسمية مدن الثقافة، أصبح بالإمكان اليوم تناسي شح الموارد وإن كانت المليون ليست إلا درباً يدعو أهالي كل مدينة على حدة لشحذ طاقاتهم . ربما كانت السلط أشبه بمتحف للتراث المعماري وللذاكرة الوطنية ولعلها تفتقر إلى البنية التحتية الملائمة للنشاط الثقافي ولكن الفرصة سانحة لتجديد العهد الدائم بين مدينة معطاءة ووطن يستحق.
وإذا قلنا بكل الفخر والاعتزاز أن السلط جديرة بالالتفات نحوها، ورجالاتها جديرون بالثقة بهم على استرجاع مجد المدينة، فإننا وبكل المحبة ندعو نساء السلط أخوات الرجال إلى الانضمام إلى تلك التظاهرة والمهمة وإلى إبراز قدراتهن ووجودهن الجميل ، من واقع تخوفنا من التفاف ذكوري على المنجز، في حين أن نسوة السلط اللواتي صنعن مجده جنباً إلى جنب مع الرجل قادرات على إضافة فعالة وخلاقة. 

والعام الثقافي يغلق أبوابه في تل اربد أملاً باستمرار دائم على سهول حوران ، سلام على سلالم السلط وتقدير وتهنئة على التحدي الكبير .

بقلم : سميحة خريس
جريدة الرأي
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))