محمد أمين شريم .. من رجالات الحركة الوطنية الأردنية

ولد السيد محمد أمين شريم "جدُّ الأخ العزيز الدكتور محمد بشير شريم" في مدينة السلط في عام 1890 م ، وهوالإبن الأكبر للسيد أمين شريم الذي رزق بولدين آخرين هما محمود المولود في السلط في عام 1897 م وأحمد المولود في السلط في عام 1907 م ، وبعد إكمال دراسته في السلط توجَّـه إلى عاصمة الدولة العثمانية الآستانة "إسطنبول" والتحق بالكلية الحربية وتخرَّج ضابطا برتبة ملازم والتحق بمعسكر الجيش العثماني المقيم في السلط وعُـيًّـن مسؤولا عن التجنيد الإجباري "الفربلك" الذي كانت تفرضه بشكل ظالم وغير إنساني على العرب حكومة حزب الإتحاد والترقــًّـي التي كان معظم قادتها من يهود الدونمة والماسونيين ، وكان من خلال موقعه يُـسرًّب إلى شباب السلط مواعيد الحملات التي كان جيش الإتحاديين يباغت بها الأهالي ليقبض على الشباب ليسوقهم إلى التجنيد الإجباري ، كما كان يـُـهرًّب إلى دير اللاتين في السلط المواد الغذائية التي كانت شحيحة من قمح وعدس وشعير لتوزيعها على أهالي السلط ، وعندما اكتشف الإتحاديون ذلك حكموا عليه بالسجن وبلغ من حقدهم عليه أنهم لم يسمحوا له بالمشاركة في تشييع والده الشيخ الجليل أمين شريم الذي توفي أثناء وجوده في السجن إلا بعد تدخل شيوخ السلط فسمحوا له بتشييع والده تحت حراسة مشدَّدة وأعيد فورا بعد دفن والده إلى السجن .

وبعد انتهاء الحرب وهزيمة الإتحاديين وخروجهم من شرقي الأردن خرج من السجن ليعمل في الزراعة والتجارة في السلط ثمَّ انتقل إلى عمَّـان ليصبح من كبار تجارها وأصبح وكيلا لسيارات شيفروليه وكرايزلر وفورد ، وتشعَّـبت تجارته إلى قطع السيارات والدهانات ومواد البناء والمعدَّات والمواد الزراعية ، وتولى منصب نائب رئيس بلدية عمَّـان لأكثر من دورة ، ويذكر الدكتور رؤوف سعد أبوجابر في كتابه "تاريخ شرقي الأردن واقتصادها" أن السيد محمد أمين شريم "أبوبشير" ينتمي إلى عائلة معروفة في قلقيلية والأصح أنها من نابلس حيث يذكر كتاب "أحسن الربط في تراجم رجالات من السلط" للدكتور هاني صبحي العمد أن شقيقي السيد محمد أمين شريم محمود وأحمد كانا مختارين لأهالي نابلس في السلط على فترتين مختلفتين ، والأرجح أن والدهم السيد أمين شريم كان قدم إلى السلط من نابلس مع العديد من النوابلسة الذين قدموا إلى السلط في العهد العثماني للعمل أوالتجارة ثمَّ استقرُّوا فيها ، ويورد كتاب "تاريخ شرقي الأردن واقتصاده "للدكتور رؤوف سعد أبوجابر وثيقة مؤرَّخة في 13 ـ 8 ـ 1932 م ورد فيها إسم السيد محمد أمين شريم "أبوبشير" من بين التجار الأردنيين الذين كانت تعتمدهم شركة البترول العراقية "آي. بي. سي" .

ويذكر الدكتور أبوجابر إن السيد محمد أمين شريم كان مسجلا في غرفة تجارة عمَّـان بالدرجة الثانية حيث كان رأسماله خمسة آلاف جنيه ، ثمَّ انتقل إلى عضوية الغرفة من الدرجة الأولى بعد أن رفع رأسماله إلى عشرين ألف جنيه"كان الجنيه الفلسطيني الذي أصدرته سلطات الإنتداب البريطاني هوالسائد آنذاك" ، ويذكر الدكتور أبوجابر إن السيد محمد أمين شريم انتخب عضوا في مجلس إدارة غرفة تجارة عمَّـان وأن المجلس اختاره نائبا للرئيس في دورة"1926 ـ "1928 ، ثمَّ اختاره رئيسا ثانيا للغرفة في دورة"1928 ـ 1935 م"وفي دورة"1935 ـ 1941 م" ، وكان يزاول تجارته في عدَّة دكاكين في عمارته التي تمَّ بناؤها في العقود الأخيرة من النصف الأول للقرن العشرين المنصرم وكانت تضمُّ مسكنه ومقر"دائرة المعارف"في الإمارة التي كانت بمثابة وزارة للمعارف قبل أن يتغير إسمها رسميا إلى وزارة ، كما شغل أحد أجزائها في الخمسينيات مكتب المعلومات الأمريكي ، وبالإضافة إلى عمارة شريم كانت له بناية من عدَّة دكاكين على الشارع العام وأخرى داخلية وكانت الدخلة القريبة من السوق تـُـسمَّـى"دخلة شريم".

على الصعيد السياسي كان السيد محمد أمين شريم من رجالات الحركة الوطنية الأردنية التي كانت تتصدَّى للإحتلال البريطاني للأردن وفلسطين والعراق وللإحتلال الفرنسي لسوريا ولبنان ، ويذكر كتاب"الأردنيون والقضايا القومية والوطنية"للدكتور محمد عبد القادر الخريسـات إن السيد محمد أمين شريم شارك في الوفد الأردني الذي قام بزيارة إلى دمشق في أواخر شهر تشرين الثاني من عام 1919 م والتقى مع رجالات الحركة الوطنية السورية في النادي العربي في دمشق الذي كان ملتقى للوطنيين السوريين والعرب ، وتباحث الوفد مع الأشقاء السوريين في وضع خـُـطة للتعاون للتصدًّي لمؤامرة"سايكس ـ بيكو" الفرنسية البريطانية لتقسيم البلاد العربية ، وكان مؤلفا من السادة مع حفظ الألقاب علي عبد العزيز الكايد العتوم وأحمد العبد الله"أبوجلمة"أبورمان ومحمد أمين شريم وسالم أبوالغنم وكريم النهار البخيت العبَّـادي.

على الصعيد الإجتماعي كان السيد محمد أمين شريم من أبرز الناشطين في العمل الإجتماعي وكان رئيسا للجمعية الخيرية الأردنية التي كانت تتعاطى العديد من النشاطات الخيرية والثقافية ، وقد أوردت مجلة"الحكمة"الشهرية الأردنية التي كان يترأس تحريرها العلامة الشيخ نديم الملاح في عددها الصادر في جمادى الأولى 1351هـ ـ تشرين الأول م1932 خبر تشريف صاحب الجلالة الملك فيصل بن الحسين ملك العراق وسموالأمير عبد الله بن الحسين أمير البلاد الأردنية بحضورهما الكريم مسرحية فتح الأندلس التي مثلها نخبة من شباب الأردن"لم تذكر المجلة أسماءهم"والتي خـُصص ريعها للجمعية الخيرية الأردنية التي يترأسها سعادة الوجيه الغيور محمد أمين بك شريم.

وانتقل السيد محمد أمين شريم إلى رحمة الله عزَّ وجلَّ في 11 ـ 6 ـ 1940 م إثر حادث سير على طريق وادي شعيب أثناء سفره إلى القدس الشريف ، ودفن بإحتفال مهيب في عمَّـان ، وأطلقت بلدية عمَّـان ، التي كان شغل منصب نائب رئيسها عند وفاته ، إسمه على أحد شوارعها.
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))