طقوس رمضان في السلط بين الأمس واليوم

رمضان في السلط نكهة خاصة، ووجه مختلف يبتعد عن الأصالة حينا، ويغرق في التفاصيل حينا آخر، فاستطاع أهل السلط أن يحدثوا طقوسا تستقبل الشهر الزائر بالترحاب، حيث بدأت في السنوات الأخيرة تنتشر ظاهرة فوانيس رمضان التي يقبل على شرائها الأطفال، إضافة إلى أنشطة ثقافية لبعض المنتديات، ولكنها بقيت في المجمل أقل من أن توصف بأنها ملمح ثقافي عام. ولم يعد أحد يسمع ببعض الأكلات الشعبية التي كانت تتزين بها الموائد الرمضانية أمثال "اللزاقيات" و"المطابق"، وهي أكلات بسيطة وغير مكلفة، لكن الناس استبدلوا بها الأطباق الغربية والطلبات الجاهزة من المطاعم.

وكان إفطار االسلطيين قديما بضع حبات من التمر والبندورة ولقيمات من الرشوف وهو عدس وجريشة ولبن مخلوط بخبز "شراك" وبصل وسمن بلدي، أو الفويرة، وهي مكونة من اللبن الجميد والبصل أو البندورة مع البصل والسمن البلدي، وظل المنسف الأردني حتى يومنا هذا سيد الموائد الرمضانية.

وقد كانت العلاقات الاجتماعية الوطيدة أهم ما يميز رمضان في السلط. كان السلطييون يستيقظون باكرا ويبدأون نهارهم الرمضاني مبكرا وينهونه قبل أذان المغرب بقليل، وكثيرة هي العادات المحببة التي ارتبطت بالشهر الفضيل، مثل التجمع في المسجد قبل الإفطار والإفطار الجماعي لأهل المنطقة، كانت كل عائلة تحضر طبقا أو نوعا من الطعام، ويفطر الجميع على مائدة واحدة مستمتعين بأصناف الطعام والحديث والسمر أو يقوم الجيران بتبادل الإطباق فيما بينهم.

كما غابت ولائم "الولايا" (الموائد التي تقام للأرحام) بهذا الشهر في البعض من المدن والقرى والأحياء الأردنية، ولم تعد ظاهرة منتشرة بكثرة كما في الماضي.

إن عادة ولائم الولايا تراجعت بعض الشيء، وحلت مكانها ظواهر جديدة مثل "عيدية رمضان"؛ حيث حل محل الوليمة مبلغ من المال أو إرسال الطعام واللحم لمنازل "الولايا" دون أن تقام لهم موائد جماعية.

كان الأهالي قديما يقومون بما يسمى باللمة، وهي عملية جمع الأموال للفقراء بشكل جماعي، إلا أن هذه العادة أيضا بدأت تنحسر شيئا فشيئا.

ولم تكن "العونة" و"ولائم الولايا" هي وحدها التي بدأت تختفي بالسلط، بل أخذ معها المسحراتي بالاختفاء، وبات يستبدل بساعات المنبه الإلكترونية. ربما ساهم إيقاع الحياة السريع في تقلص ظاهرة المسحراتي؛ فلم يعد أحد بحاجة إلى المسحراتي لإيقاظهم في ظل وجود المنبهات العديدة.

وفي مدينة السلط على بعد (30 كم شمال غرب عمّان) يستذكر الكهول ان رمضان قبل نحو 40 عاما؛ حيث كانوا يعلمون بقدوم الشهر الفضيل أو ساعات الإفطار من خلال مدافع مدينة القدس.


أشرف الشنيكات
جريدة السبيل
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))