ذكريات عن مدينة السلط ترويها مستشرقة بريطانية في كتاب


زارت الاردن السيدة البريطانية ستيوارت ارسكين واستغرقت زيارتها شهرا كاملا وسجلت في كتابها trams Jordan انطباعات عامة عن المنطقة ومنها مدينة السلط وفيما يلي مقتطفات مما ورد على لسانها. 

تقول السيدة ستيوارت: قضيت بضع اسابيع في القدس ثم اعتزمت ان ازور شرقي الاردن على الرغم من نصح بعض الناس لي بان اصرف النظر عن زيارة بلاد ماتزال غشيمة ولم تصل اليها الحضارة ولكن الحظ كان الى جانبي والحديث على لسان السيدة البريطانية لان رئيسة مستشفى الارسالية الانكليزية في السلط وعدت ان تستضيفني ولان حظا عظيما اسعفني لانضمام الى رحلة كان بيك باشا قائد الجيش العربي في شرق الاردن يعمل تنظيما لتامين زيارة السير رونالد ستورس الى البتراء.

وتضيف: غادرت القدس بسيارة اجرة صباح يوم 7 اذار عام 1924 وكانت الارض تزدهي بحلة من الازهار البرية وعبرنا نهر الاردن فوق جسر اللبني وفي الطريق شاهدت عددا كبيرا من ابناء المنطقة يرتدون ثيابا بيضا وعلى رؤوسهم الكوفيات والعقل ، حيث كانت السلط اكثر المدن حضرة في شرق الاردن وكنت احمل معي توصية الى طبيبة في عمان على امل ان تستضيفني في منزله ، ولكنني لم اكن واثقة من امكانية تأمين الرحلة الى اماكن عديدة كنت اتوق الى زيارتها مثل مادبا والكرك والشوبك وجرش وام قيس ومضت السيارة تصعد بنا الى ان وصلنا واديا خصيبا يجري في وسطة جدول ماء (وادي شعيب) ولاحظت ان ماء الجدول تم تحويلة جزئيا لتشغيل عدة مطاحن وبعد قليل استدرنا حول كتف التلال فشاهدنا بلدة تنتشر فوق هضبتين يفصل بينهما واد عندئذ اشار السائق اشارة انتصار وهتف قائلا ها هي السلط وتقول ان السلط من اكثر المدن مهابة في شرق الاردن بالرغم من اختيار عمان عاصمة للدولة الجديدة وقد بنيت منازلها صفوفا يرتفع الواحد منها فوق الاخر على المنحدرين الحادين للتلتين بينما تقع دكاكين السوق في الوادي بينهما وعلى الرغم من تقاليد السلط العريقة الا انها نسبيا بلدة جديدة ازدهر البناء فيها اثناء القرن التاسع عشر لاسباب عدة من جملتها استيراد البضائع من دمشق وبيع المحاصيل الزراعية الى فلسطين وكانت السلط كرسي ابرشية مسيحية وفيها بقايا قلعة رومانية اعاد الصليبيون بناءها ثم دمرها المغول واعاد السلطان بيبرس بناءها وفي عام 1840 استولى على المدينة ابراهيم باشا عنوة.

وكانت "السلط" محطة يلتقي فيها الحجاج القادمون من مختلف انحاء العالم الاسلامي للحج الى مكة وما يزال الواديان يحملان اسمين لهما علاقة بتلك الايام الاول وادي الاكراد والثاني وادي حلب. وكان في المدينة المستشفى الارسالية الانكليزية وتضم كنيسة صغيرة ومدرسة للاولاد واخرى للبنات وعيادة طبية وكذلك سرايا الحكومة وهي ذات سقف عال من التنك ويحتشد الاهالي حولها لمراجعة المسؤولين بشأن قضاياهم وكان عدد السكان حوالي 20 الف نسمة ثلاثة ارباعهم مسلمون والبقية مسيحيون من طوائف اللاتين والروم الرثوذكس والكاثوليك ولهذه الطوائف كنائس بالاضافة لكنيسة البروتستانت وكان فيها مسجدان والملاحظ ان الاهل كانوا يعيشون في وئام ولا يؤثر اختلاف المذاهب على علاقاتهم الاجتماعية وكانت النساء ينقلن الماء الى منازلهن من العين الواقعة في قلب المدينة ويرتدين اثيابا مطرزة بالغة الطول والعرض.

ويحسب المرء للوهلة الاولى ان هؤلاء النسوة كسولات ولكن في واقع الامر غير ذلك فهن ياتين بالحطب والماء ويضعن الخبز ويستعملن الطواحين البدوية لصناعة السميد والزعتر ويجدلن السلال من القصب ويحكن البسط والسجاد من شعر الغنم كما لاحظت ان اهل السلط مضيافون يكرمون الضيف واثناء اقامتي في السلط تمكنت من زيارة عدد من المواقع اهمها مقام النبي شعيب ومقام يوشع الذي يقدم له الناس النذور ويحلفون عنده الايمان ويذبحون الاضاحي ومن ذلك الموقع يمكن مشاهده وادي الاردن والبحر الميت وجبال نابلس والقدس واريحا.

وقالت ان اهل السلط كانوا يشعرون بالمرارة لما سببه لهم الانجليز اثناء الحرب والاحتلال مدينة السلط وتهجير وقتل عدد من سكانها.

ومن الجدير بالذكر ان المستشفى الانجليزي انشئ اصلا في عكا عام 1900 ثم نقلت امتعته على 60 جملا الى السلط واثناء الحرب استخدم الاتراك المستشفى لقواتهم المرابطة في وادي الاردن.

عدنان خريسات
الدستور
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))