السلط حاضرة البلقاء


السلط.. حاضرة البلقاء ، كانت تدعى سابقاً (الصلت) وهي تعني الوادي المشجر أو الغابة الكثيفة وتشكل السلط شاهدا لا مثيل لها على التراث العمراني ففي المدينة اكثر من سبعمائة مبنى تراثي يصل عمر بعضها إلى أربعمائة عام ويتراوح عمر بعضها الأخر بين 100 عام و200 عام.

كما ويتميز بعضها بطراز البناء التجاري بحيث عرفت السلط كمركز تجاري لتجار بلاد الشام، تمّ تأسيس أول مجلس بلدي عام 1887م، و حددت مهام المجلس البلدي آنذاك في منح رخص البناء، و الاعتناء بتنظيم الشوارع و إنارتها، و تحصيل الرسوم، و بناء حمامات للرجال و النساء، و فتح طرق جديدة، و مراقبة الأسعار، و ضرب مدفع رمضان، و معالجة المرضى الفقراء و تخصيص معونات للمعوزين، و تغريم المعتدين على الطرق و المتعهدين المخالفين، و ترقيم البيوت و زراعة الأشجار في الشوارع، و مراقبة الخانات، و هي مهام تكاد تصل إلى مفاهيم رسالة البلديات في الزمن الحاضر.

وفي العصر المملوكي ، تم إنشاء المدرسة السيفية في مدينة السلط ، حيث كانت منارة معرفة لسكان المنطقة في تلك الفترة ، كما خضعت السلط للحكم العثماني منذ عام 1516 ، وكان لوعورة جبالها وخصوبة أراضيها وكثرة المياه والغابات فيها بالغ الأثر في جعلها منعه واقدر على البقاء والصمود حيث كانت السلط في هذه الفترة تتكون من عائلات مسلمة ومسيحية ، ومع عودة السلط الى الحكم التركي فقد انشا الاتراك فيها تنظيماً ادارياً جديداً اخضعت فيه السلط الى لواء البلقاء ومركزه نابلس وبنى الاتراك السرايا (دار الحكومة) عام 1869.

وذكر في كتب التاريخ ان السلط ذات بساتين ،وينبع من قلعتها عين كبيرة وان الذي بنى السلط هو البلقاء بن سوريه من بني عمان بن لوط ، وفي عام 1812 كانت السلط هي المكان الوحيد المأهول في مقاطعة البلقاء ، وتحتضن السلط وجوارها مقامات عديده للصحابة ، ابرزها (مقام النبي جادور ، مقام حزير ، مقام النبي يوشع).

وفي الربع الاخير من القرن التاسع عشر شهدت مدينة السلط نمواً سكانياً وعمراناً ملحوظاً فقد شجعت السلطات العثمانية سكان عدد من المدن الفلسطينية والسورية واللبنانية للهجرة الى السلط ، الامر الذي ادى الى بروز كثير من المهن والحرف التجارية فيها مثــل ( محلات الحلوى ،الافران ،المطاعم ، الحمامات ، المقاهي... وغيرها) شكل بذلك بداية العصر الذهبي للمدينة.

وبدأ البناء والاعمار بالانتشار حول ساحة السلط (الصحن) باتجاه احياء (الجدعة ،السـلالم ،الخضر ،ووادي الاكراد ،الميدان) وتميزت هذه الاحياء بصبغة عمرانية فريدة هي اقرب ما تكون الى البناء التراكمي بحكم السلاسل الجبلية الوعرة ، والشوارع ضيقة والادراج الموصولة وفتحات الشبابيك واقواس الابواب المنحوته بمهارة فائقة وكان لكل عشيرة او طائفة دينية محله او حارة او حوشاً كما كان لكل عشيرة مقبرة خاصة بها.

وبنيت معظم عمائر المدينة من الحجر الاصفر المستخرج من مقالع السلط منذ عام 1863 ومن اهم هذه العمائر (مستشفى البروتستانث الذي بني عام 1905 والجامع الكبير الذي بني منذ زمن بعيد واعيد ترميمه في الربع الأول من القرن التاسع عشر ، والجامع الصغير الذي بني عام 1907 والكنيسة الأسقفية الإنجليزية التي بنيت عام 1870 على نمط الكنائس في إيطاليا ، وبناء أبو جابر الذي بني عام 1892 وينفرد بنائه بنمط معـماري خاص .

وفي مطلع القرن العشرين وفي أعقاب الثورة العربية الكبرى والتي شارك أهل السلط في طلائعها ، قاموا بإنشاء أول صرح تربوي كبير /مدرسة السلط الثانوية 1923 ، قلعة المعرفة الأولى لكل الأردنيين والتي أسهمت في ترسيخ نهضة الأردن الحديث وقد خرجت العديد من رجالات الأردن المهمين.

وفي عام 1948 رفدت مدينة السلط بهجرة جديدة ، حيث سكنها الاف من الفلسطينيين المهاجرين من أرضهم والذين اندمجوا مع سكان المدينة في وقت قصير احدث ذلك تغييرات اقتصادية ونشوء علاقات وعادات وقيم جديدة في مجتمع جديد .

جريدة الرأي
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))