سليمان الحديدي

عند الحديث عن مهنة المحاماة في الاردن وتاريخ نقابة المحامين يقفز الى الواجهة اسم رجل القانون سليمان الحديدي ، الذي تخرج في معهد الحقوق بالجامعة السورية عام 1946 ، وكان احد مؤسسي النقابة عام 1950 ، وبين عامي 1967 و 1985 اصبح نقيبا للمحامين لخمس دورات بعد ان شغل مقعده عضوا في مجلس النقابة لسنوات عديدة.

في عهد قيادته للنقابة صدرت معظم التشريعات المنظمة لمهنة المحاماة والحامية لحقوق المحامين ، في وقت شغل فيه موقع الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب لخمسة وعشرين عاما.

كانت المرة الاولى التي وصل فيها ابو معن لموقع نقيب المحامين في اذار عام 1967 ، وقبل احتلال الضفة الغربية قاد اجتماعات مجلس النقابة في القدس ونابلس ، وكان صوته عاليا في مجلس النقابة وخارجه في الدفاع عن حقوق الوطن والامة في فلسطين.

لم يكن تجاوز الرابعة والعشرين من عمره عندما شارك في المؤتمر التأسيسي للنقابة ، ليصبح بعد عام واحد عضوا في مجلسها.

في مدينة السلط ولد سليمان الحديدي عام 1926 ، ومن مدرستها الثانوية تخرج عام 1942 ، ليلتحق بعد عام من تخرجه بمعهد الحقوق في دمشق ويتخرج محاميا وهو في العشرين من عمره.

كان محاميا معروفا عندما وقعت نكبة فلسطين عام 1948 ، وكان نقيبا للمحامين عندما وقعت هزيمة حزيران 1967 ، وطوال سني حياته التي امتدت لسبعة وستين عاما ظل في خندق امته مؤمنا بقناعاته القومية العروبية.

واحد من اقدم البعثيين في الاردن ، وتحول مكتبه في وسط البلد ، في خمسينيات القرن الماضي وستينياته الى مقر غير رسمي للبعث ، حين استقبل رموز العمل السياسي من مختلف الاطياف والمراجع ، وفي مرحلة سياسية حرجة اصبح سليمان الحديدي امينا قطريا للبعث بعد اعتقال قادته المعروفين.

الى جانب عمله كمحام وحزبي ، حصل ابو معن على ترخيص لاصدار مجلة اليقظة التي صدرت في العام 1948 واستمرت حتى العام 1957 مع بعض التوقفات الاجبارية.

المحامي اللامع اراد اختبار شعبيته في الشارع فذهب الى ترشيح نفسه في الانتخابات البرلمانية عامي 1954 1956و عن مقعد عمان ، لكن الحظ لم يحالفه ، وان ظل في تلك السنوات وما بعدها يمثل مرجعية اخلاقية لرفاقه وزملائه في العمل العام: لكن الناشط الحزبي والقانوني اضطر لمغادرة الاردن لاجئا سياسيا بعد فرض الاحكام العرفية عام 1957 ولم يعد الى الاردن الا عام 1965 مستفيدا من العفو العام الذي شمل السياسيين داخل الاردن وخارجه ، واثناء ذلك حصل على دبلوم في القانون الاداري من جامعة القاهرة عام ,1964

بسبب دوره اللامع في نقابة المحامين وفي اطار العمل العام ، اختاره الرئيس عبدالمنعم الرفاعي وزيرا للداخلية في حكومته الثانية ، وهي الحكومة التي تشكلت في حزيران 1970 وحكمت ما يقرب من ثلاثة اشهر في مرحلة من اكثر المراحل حساسية في التاريخ السياسي الاردني المعاصر ، لتستقيل عشية احداث ايلول ، ويعود المحامي سليمان الحديدي بعد ذلك لممارسة حياته بعيدا عن الوظيفة الرسمية.

تم اختياره عضوا في مجلس امناء المنظمة العربية لحقوق الانسان منذ تأسيسها ، وتم تكريمه من المنظمة بعد وفاته ، فيما كان له دور بارز في اعداد الميثاق الوطني ، وقلده الملك الحسين وسام الاستقلال من الدرجة الاولى.

اكثر من شاهد يحمل اليوم اسم سليمان الحديدي تقديرا لدوره الرائد في الحياة العامة ، وتوفيت زوجته عام 2008 ، فيما ارتبط اسم ابنه الدكتور مؤمن بمركز الطب الشرعي في الاردن.

في السادس من نيسان عام 1993 توفي المحامي والسياسي سليمان الحديدي في عمان ، في وقت كان هذا اليوم يمثل له محطة مهمة في حياته الحزبية في خمسينيات القرن الماضي وستينياته ، ليظل اسمه حاضرا في ذاكرة رفاقه واصدقائه وزملائه ، اسما بارزا في نصف القرن الماضي من حياة الاردن.

هشام عودة
الدستور
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))