متحف أبو جابر : هندسة نابلسية وحجارة يافاوية تضم في ثناياها تاريخا سلطيا عريقا

يلعب متحف السلط التاريخي دورا بارزا في جمع الارث الحضاري السلطي مشكلا بوابة مهمة أمام زوار المدينة، يسافرون خلالها في رحلة عبر الزمن إلى تاريخ يشهد على مراحل تطور مدينة ضاربة في تاريخ الأردن على مر العصور.

فبحجارته اليافاوية وإبداع مهندسه النابلسي المعروف عبدالرحمن العقروقي وإطلالته المميزة على الساحة الرئيسية في وسط مدينة السلط، تشكلت تحفة فنية تضيف للمدينة أناقة تزين جمالها الجبلي.

يتكون متحف السلط الذي بوشر العمل ببنائه في العام 1892 واكتمل في العام 1896، من 3 طوابق بألوان مختلفة تحكمها طبيعة الفسيفساء المنتشرة على جدرانه.

ويتمتع المتحف بمميزات هندسية تضم ادراجا عالية تميز المبنى من الداخل وأبوابا عالية تدلل على قدمه وأصالته المستمدة من تاريخ عريق يعود إلى 100 عام من عزلة تراث استطاع المتحف أن يشملها بين جنباته.

ويقول المواطن أحمد الفاعوري إن "السلط تزخر بالعديد من الأماكن الأثرية التي تؤهلها لأن تكون مقصدا سياحيا على غرار الدول المجاورة، ويشكل متحف أبو جابر باكورة تلك المواقع بالنظر إلى أهميته ودوره في تقديم الموروث وتأطير الحاضر".

ويبين الفاعوري أن "المقومات الطبيعية والتراثية لمدينة السلط تنافس إلى حد كبير تلك الموجودة في المقاصد السياحية في الدول العربية والتي تستقطب آلاف الزوار يوميا، وجاء افتتاح متحف أبوجابر ليشكل، إضافة نوعية بوصفه متحفا أثريا تتوجه إليه أنظار آلاف الزوار".

ويؤكد الفاعوري أهمية الترويج السياحي لمتحف أبو جابر ليدرج ضمن المواقع التي يزورها السائح في المملكة.

فالمجسمات المنتشرة في المتحف تروي حكايات نسجها الأجداد وأخرى بناة نهضة السلطالحديثة، حيث يتعرف الزائر على طبيعة الحياة القديمة في المدينة العريقة من خلال الملبوسات الشعبية والتحف القديمة التي تعبر عن عادات وتقاليد سكان تلك المدينة.

الموظفة في القطاع الخاص أريج مصلح تفاجأت خلال زيارة قامت بها للمدينة بوجود متحفالسلط، وتقول "شعرت بغصة لعدم معرفتي بمثل ذلك المكان إلا عن طريق الصدفة".

وترغب مصلح بالدخول إلى المتحف ومشاهدة ما يحتويه، مؤكدة أنها ستقوم بذلك كلما تسنت لها الفرصة.

وفي العام 1990 تم ترشيح مبنى أبو جابر من قبل الجمعية العلمية الملكية كي يصبح متحفا ومركزا للزوار، ولذلك أصبح المبنى ضمن مشروع تطوير السلط القديمة سياحيا؛ حيث سيتم إنشاء مركز للزوار داخله مرتبط بمتحف السلط الرئيسي.

ويهدف المشروع إلى إبراز الجماليات الطبيعية والمعمارية للمدينة وذلك من خلال تجهيز المتحف بما يعكس تعاقب الحضارات على المنطقة.

ويختلف لون الحجر في متحف السلط بحسب نوعيته من طابق لآخر، حيث تعتبر الواجهة الأمامية أروع واجهات المبنى وتتميز بزخارف تمتد إلى مدخل بيت الدرج.

وتتميز أيضا بوجود أعمدة ملتصقة بالحائط ذات زخارف جميلة مقتبسة من ورق الشجر في الطابق الأول ومن العمود الأيوني في الطابق الثاني، أما الواجهات الخلفية فهي بسيطة تحتوي فتحات مستطيلة عشوائية الترتيب وجميعها مغطاة بشبك منخل.

ويشير مدير مركز إضاءة للدراسات السياحة والتراث الدكتور علي حياصات إلى أن متحف أبو جابر "مثال حي على المواقع الجاذبة للسياحة المحلية في السلط، لاسيما ان المواطنين يرون في مدينة السلط مكانا يعود بذاكرتهم لأحداث سياسية وتاريخية عميقة".

غير أن حياصات يؤكد أن وجود متحف مثل متحف أبو جابر لا بد ان يسانده وجود استثمارات سياحية مثل مطاعم واستراحات، بالإضافة إلى محال للتحف الشرقية.

ويضيف حياصات أنه "ينبغي كذلك تأهيل البنى التحتية للمنطقة المحيطة بمتحف أبو جابر لتكون منطقة جاذبة للزوار القادمين من المدن الأخرى".

ويشدد حياصات على أهمية إعداد المكان وتأهيله سياحيا، بالإضافة إلى خلق الاستثمارات المطلوبة قبل التسويق والترويج للمتحف.

وتأتي عراقة المتحف من عراقة المدينة بما يحتوي المتحف من عرض للتراث والمحتويات الأثرية الأخرى من ملابس وأدوات تراثية ومواد قديمة والذي سيشكل وجوده بؤرة جذب سياحي مستدام محليا ودوليا ولمختلف الفئات والطبقات.

وكان أول قاطني البيت عائلة أبو جابر، ومن ثم عائلتا الأفغاني والكيلاني، وجرى تأجيره في إحدى الفترات للصليب الأحمر.

بيت أبو جابر معلم سياحي وتراثي عريق ويعد من أبرز المتاحف في المملكة التي يقتضي الحفاظ عليها والترويج لها محليا وإقليميا وعالميا.

حلا أبو تايه
جريدة الغد
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))