دكاكين السلط العتيقة .. ارث التجارة وعطر التاريخ


مازال الكثير من الحوانيت و الدكاكين العتيقة التي تشهدت بدايات الحركة التجارية في مدينة السلط ، تمارس نشاطها التجاري كالمعتاد ولكن هذه المرة ببضاعة وحركة شرائية مختلفة رافقت تطور المدينة وتقدمها في ضوء احتياجات العصر ، وتشير سجلات غرفة تجارة وصناعة السلط إلى أن أسواق السلط قد شهدت نشاطات تجارية مبكرة جدا بلغ أوجها في منتصف القرن الثامن عشر ، حيث كان للسلطية أسواقهم المعروفة على المستوى المحلي والمناطق المجاورة الأمر الذي دعا تجار المدينة الى تشكيل أول محكمة تجارية في المدينة عام 1875 م تلا ذلك تأسيس غرفة تجارة السلط ، وكان ذلك عام 1883 بهدف العناية وأكثر بالقطاع التجاري حيث كان عدد المحلات التجارية في المدينة آنذاك يزيد عن 40 محلا تجاريا تتوزع على جانبي ساحة المدينة وشارعي الدير والحمام.

وبحسب سجلات غرفة تجارة السلط ، فإن أول مجلس لإدارة الغرفة تشكل بالانتخاب عام 1885 برئاسة التاجر خليل الخوري وعضويه التاجران احمد زيد الكيلاني يوسف عصفور ومن بين النجار الذين تسلموا رئاسة الغرفه وحتى عام 1938 الحاج مصطفى الداود والحاج فاضل الفاعوري ويعقوب الخوري وعبده الشاعر ونجيب قبعين والحاج عمر كوكش والحاج عبد الرزاق الداود.

اما المتتبع لنشاطات الغرفة منذ بدايات تأسيسها يلمس النجاحات الكبيرة والقفزات التي حققها تجار المدينة في استقطاب الحركة التجارية للمدينة وجعل أسواقها منافسة بعض الشيء لأسواق الشام المزدهرة وأسواق فلسطين ، حيث كانت أسواق السلط آنذاك تشكل المعبر الوحيد للتبادل التجاري بين هذه الأسواق ، حتى أن بعض المنتوجات السلطية غزت السواق الاوروبية عن طريق مينائي حيفا ويافا وخاصة العنب السلطي.

ومن اهم المناطق التجارية في السلط ، شارع الحمام الذي اخذ الاسم من حمام كان موجودا في السوق نفسه وقد ظل هذا الحمام موجودا حتى وقت متأخر من الثلاثينيات ، وكان يدخله الرجال في ساعات معينه و النساء في ساعات اخرى مقابل اجر محدود ، وكان يوقد بالحطب و الخرق البالية و الجلة و النفايات.

وكان السوق هو الامتداد الطبيعي للمنطقة التجارية في الساحة باتجاه الشرق ، وكان في 1948 يمتد من الساحة الرئيسية في وسط المدينة الى كراج خشمان في نهاية شارع الحمام مع وجود بوابة رئيسية واحدة على الاقل كانت تفتح مع بزوغ الفجر و تغلق بعد صلاة العشاء.

وكانت البلدية قد بدات بتبليط ارضية السوق بالحجر الابيض المدور اعتبارا من سنة 1923 وكان اهل المدينة يبيعون و يشترون في هذا السوق ، حيث كانت حركة البيع و الشراء تبدا منذ ساعات الصباح الاولى ، و تشتد حركة البيع و الشراء عند الضحى ، ثم يبدا السوق يخلو من زبائنه بعد الصلاة مباشرة حيث يكون اهل المدينة قد ابتاعوا ما يحتاجون اليه وكان في السوق دكاكين لبيع الحلوى و الالبان و السمانة و المطاعم ومخازن لبائعي الجملة التموينية و الاقمشة وما الى ذلك.

وكان ثمة دكان لصناعة الاحذية ودكان صغير لتصليح بوابير الكاز و القناديل و صناعة الاواني من مادة التنك تعود للمرحوم عادل الادهم الذي كان يقوم ايضا باضاءة الشوارع باللوكسات القديمة كدور شركة الكهرباء حاليا ، كما كان في السوق مخبز و خانات للدواب ودكان للعطارة وكان اشهر الدكاكين دكاكين الحلوى ومطعم راضي العمد الذي كان يقدم وجبات الغداء لتلاميذ مدرسة السلط الثانوية للبنين في العشرينيات و الثلاثينيات وكان مطعمه الى جانب عين الماء مباشرة على يمين اول السوق.

السلط - الدستور - نايف الكايد
تعليقات (فيس بوك)
0تعليقات (بلوجر)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))